طبيب ومهندس مصريان في بريطانيا يحصلان على براءة اختراع مضخة تساعد على سرعة شفاء عضلة القلب

القلب عضو صغير في جسم الانسان لا يزيد حجمه عن حجم كف اليد، ويبلغ وزنه عند الرجال البالغين 340 جراماً، وأقل قليلاً عند الاناث، لكنه أهم اعضاء الجسم، فالحياة تتوقف بتوقفه، وترتبك بمرضه. ورغم التقدم العلمي في مجال طب وجراحة القلب، مازال عدد ضحايا مرض “هبوط القلبHeart Failure ” الاكبر مقارنة بالامراض الاخرى، حيث اظهرت احصائية نشرت مؤخراً عن مكتب الاحصاء القومي البريطاني ان رجلا من بين كل خمسة رجال، وامرأة من بين كل ستة نساء اصيبوا بمرض هبوط القلب ماتوا خلال العام 2005.Michael Henein .

ويعكف العلماء في مجال الابحاث الطبية على اختراع الاجهزة التي تساعد على الحد من مخاطر المرض وسرعة شفاء المريض. ومن هذه الاجهزة مضخة للقلب صغيرة الحجم تساعد على ضخ الدم وتخفيف الضغط على عضلة القلب. واصحاب هذا الاختراع هما الاستاذ الدكتور ميشيل يوحنا حنين استشاري ورئيس قسم بمستشفى “برومبتون” للامراض القلبية ومحاضر بالدراسات العليا بكلية “الامبريال” بلندن، والدكتور مهندس اشرف وليم خير الاستاذ بكلية الهندسة بجامعة برونيل بلندن.

“وطني الدولي” التقت بصاحبي الاختراع الجديد وسألت الدكتور ميشيل عن متى وكيف بدأت فكرة هذا الاختراع الذي كتبت عنه الصحف البريطانية على انه الأمل في شفاء حالات هبوط القلب الحادة، فقال “منذ اربع سنوات بدأت اكثف جهودي الطبية بمستشفى “برومبتون” لايجاد علاج لمرضى هبوط القلب بعد ان لاحظت ان نسبة كبيرة من بين الوفيات بأمراض القلب سببها هبوط عضلة القلب بما يجعلها غير قادرة على تأدية وظيفتها في ضخ الدم على الوجه الأكمل، كما لاحظت ايضاً أن مرضى كثيرون لا يستجيبون للعلاج بالعقاقير الطبية بسبب ما لها من اضرار جانبية ومضاعفات، ومن هنا جاءت فكرة ايجاد بديل لتلك العقاقير فكانت المضخات القلبية هي ذلك البديل.

أنواع المضخات القلبية:
بدأ التفكير في استخدام المضخات القلبية في اواخر الستينيات باختراع المضخة البلونية الاورطية المعروفة باسم Intra Aortic Balloon Pump التي تم استخدامها منذ بداية السبعينيات، ومنذ حوالي 15 سنة تم اختراع مضخة Heart Mate I ، تبعها اختراع مضخة Heart Mate II ، وحالياً هناك اختراع لمضخة حديثه حصل فيها المخترعان الدكتور ميشيل حنين والدكتور مهندس اشرف وليم خير على براءة الاختراع من الجهات البريطانية المختصة، ليعطي الامل في تلافي عيوب المضخات السابقة ومساعدة عضلة القلب على الشفاء والعودة الى اداء وظيفتها.
ويقدم الدكتور ميشيل شرحاً موجزاً عن عمل بعض هذه المضخات القلبية فيقول: “مضخة Heart Mate I اخترعت لتقوم بشفط الدم من البطين وتفريغه في شريان الاورطي الذي يقوم بضخه الى بقية اعضاء الجسم عن طريق الشرايين الطرفية. وكان لهذه المضخة تأثير كبير في شفاء عشرات المرضى حول العالم، لكن كان لها عيوب منها أنها كبيرة الحجم ومعقدة جداً، وتحتاج لأن يحمل المريض بطاريتين على جسمه لامدادها بالقوى الكهربائية اللازمة لتشغيلها، بالاضافة الى انها تحتاج الى جراحة فتح البطن وشق البطين لتركيبها داخل قلب المريض. ومن أكبر عيوب تلك المضخة أنها تعمل بشكل منفصل عن دائرة القلب الكهربائية التي تتحكم في وظيفة الصمامات، مما ينتج عنه شفط وضخ الدم في وقت تكون فيه صمامات القلب مغلقة، فيتراكم الدم داخل البطين مما قد يؤدي الى حدوث تجلطات”.Michael Henein
أما المضخة الثانية Heart Mate II فيقول عنها انها “صغيرة الحجم، طولها لا يتعدى طول الاصبع وقطرها حوالي 2,5 سم، وتعمل بشكل دوار بدون توقف، ومشكلتها تظهر عندما يبذل المريض جهدا في صعود سلم او تسلق تل مرتفع مما يؤدي الى زيادة سرعتها، وفي الوقت نفسه لا يمتلئ البطين بالدم، فلا تجد المضخة ما تضخه، فينهار البطين نتيجة تلاصق جدرانه لعدم امتلائه بالدم. كما أنها تشترك مع مضخة Heart Mate I في عدم مقدرتها على ضخ الدم للرأس بسبب طبيعة تصميميهما.

مواصفات ومزايا الاختراع الجديد:

كان لابد من اختراع مضخة تتلافى عيوب المضخات السابقة فجاءت فكرة اختراع المضخة الجديدة التي تساعد على ضخ الدم لكل اجزاء الجسم، بالاضافة الى صغر حجمها، وعدم الحاجة الى جراحة لتركيبها وتثبيتها، كما ان الهدف منها هو تخفيف العبء على عضلة القلب بدون جراحة قلبية وذلك بمساعدة الشريان الاورطي على ضخ الدم المؤكسج الى بقية أعضاء الجسم.

وعن حجم المضخة يقول الدكتور ميشيل “ستحتل المضخة ثلث قطر الاورطى، أي حوالي 1.5 سم تقريباً حيث ان قطر الاورطي تتراوح ما بين 3 – 4 سم ، وهي تختلف في حجمها من مريض لاخر، فالمضخة التي يحتاجها الطفل الصغير اصغر في الحجم عن تلك التي يحتاجها الرجل الكبير بسبب كبر حجم الاورطى وكمية الدم التي يضخها، وهذا الامر بالطبع ستراعيه الشركات المصنعة للمضخة بحيث تنتج مضخات مناسبة حسب حاجة المريض”.

أما عن طريقة تركيب المضخة فيتم ذلك بدفعها على بالون عبر شريان الاورطى دون الحاجة الى جراحة لفتح البطن، ثم تثبيتها في مكانها بالجزء السفلي من مدخل الاورطى بحيث تقوم بشفط الدم المؤكسج من البطين الايسر وضخه عبر الشرايين المتفرعة من الاورطى الى بقية اجزاء الجسم. والامر يتطلب التحكم في كميات الدم المطلوب ضخه من خلالها. فالمضخة الجديدة ستقوم بضخ ثلث كمية الدم التي يضخها القلب البالغة حوالي 5 لتر في الدقيقة، اي انها ستضخ ما بين لتر ونصف أو أقل من لترين من الدم في الدقيقة، وبذلك يكون صميم عمل المضخة الجديدة المساعدة في ضخ الدم المؤكسج لتخفيف العبء على عضلة القلب حتى يتم شفاءها وعودتها لممارسة وظيفتها. ويتضح من ذلك ان عمل المضخة الجديدة لا يلغي عمل الاورطي، كما انه يمكن ايقافها عند شفاء عضلة القلب وقيامها بضخ الدم بكفاءة لحين الحاجة اليها مرة اخرى مع استمرار بقائها في مكانها المثبته فيه داخل القلب.

كما ان المضخة الجديدة لا تستخدم في حالات هبوط القلب الحادة فقط ، بل يمكن أن تستخدم في الحالات غير المتدهورة أيضاً التي تظهر فيها بوادر هبوط في القلب كمحاولة لتعضيد وظيفة عضلة القلب. ويمكن استخدامها ايضا في حالات هبوط القلب التي لا ينفع معها تعاطي العقاقير بسبب مضاعفاتها والاثار الجانبية لها، خاصة حالات مرضى الكلى.

ويلاحظ في الوقت الحالي ان المريض الذي تجرى له عملية جراحية في القلب يحتاج الى فترة نقاهة تتراوح ما بين شهرين الى ثلاثة شهور حتى تلتئم عظام الصدر وتبرأ انسجة العضلات وتعود لوضعها الطبيعي قبل العودة الى عمله وممارسة نشاطه اليومي، بينما سيتيح الاختراع الجديد للمريض امكانية مغادرة المستشفى بعد اسبوع فقط من تثبيت المضخة وبدء عملها، عندها يمكن ان يعود المريض لممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي.

مادة صنع المضخة:
من الطبيعي ان يكون للمادة المعدنية التي تصنع منها المضخة تأثير على جسم المريض، فالجسم ممكن ان يلفظ المضخة المعدنية ولا يقبلها، كما انه يمكن ان تحدث جلطات بسبب المادة المعدنية المصنوع منها المضخة، فكيف اذاً يمكن تفادي هذه المشاكل؟

يقول الدكتور مهندس اشرف خير ” نقوم بدراسة مستفيضة حول المادة التي سيتم استخدامها لصنع المضخة بحيث يمكن الوصول الى معرفة نوع مادة المعدن التي يقبلها الجسم بدون حدوث تجلطات، ويقوم حالياً فريق من الباحثين والمتخصصين في علم الـ Materiology لدراسة هذا الموضوع بجدية بالتنسيق مع فريق الاطباء”. ويضيف الدكتور أشرف قائلاً “نحن على اتصال دائم بمجموعة كبيرة من المهندسين حول العالم، كل في مجال تخصصه، للوصول الى افضل تصميم هندسي للمضخة من ناحية الحجم وطريقة التشغيل والامداد بالقوى الكهربائية اللازمة وغيرها”.

أما عن تأثير العوامل الخارجية كالحرارة والرطوبة والاشعاعات على اداء عمل المضخة، فيقول الدكتور ميشيل حنين “من الناحية الطبية تؤثر درجات الحرارة والرطوبة على الشكل الخارجي فقط للانسان، فالذين يعيشون في المناطق الباردة يختلفون في لون البشرة والبنيان الجسمي عن الذين يعيشون في المناطق الحارة، بينما لا تختلف درجة حرارة الجسم ولا درجة حرارة الدم بين شخص واخر في اي مكان في العالم. أما من الناحية الهندسية ففريق البحث يعمل على الوصول لتصميم هندسي لا تتأثر فيه المضخة بمرور حاملها تحت اجهزة الاشعة “X-Ray” سواء في المطارات او في المستشفيات”.

ولم يبق سوى السؤال عن رأي خبراء الطب واساتذة القلب في الاختراع الجديد، ومتى سيتم الانتهاء منه وطرحه في الاسواق؟ وعن هذه الاستفسارات يجيب الدكتور ميشيل حنين بقوله “دور اساتذة القلب والخبراء هو دور ايجابي ومشجع، لكنهم في الوقت نفسه ينتظرون لحين رؤية الاختراع الجديد وتجربته. أما الاختراع نفسه فقد حصلنا على براءته من الجهات البريطانية المختصة، وجاري العمل فيه، وربما نحتاج الى فترة زمنية ما بين سنة او سنتين بحيث يتم تجربته اولا على بعض الحيوانات المريضة بهبوط في القلب، ثم الانتقال لتجربته على المرضى من البشر، وعند التحقق من النتائج الايجابية له سيتم انتاجه في صورته النهائية وطرحه في الاسواق الطبية”.

No comments yet.

اترك تعليقاً