دكتور إبراهيم منصور1860-1930

الطبيب العابد والمصلح الأجتماعىMansour

نشأته وتعليمة

ولد حوالى عام 1860م فى مدينة القاهرة من عائلة شريفة وجهة تعرف باسم فانوس الكبير. ولما كبر التحق بالمدرسة البطريركية الكلية فى الأزبكية فتعلم وتخرج فيها متحلياً بالعلوم و المعارف ميالاً لخدمة الإنسانية ورفع شأنها وقد ساعدته هذه المواهب على الالتحاق بالمدرسة الطبية ونائلاً محبة أصدقائه وثقة مدرسيه.

الوظائف التى تقلدها

عين طبيباً للدار البطريركية القبطية بقرار من ناظر الداخلية (وزير الداخلية حالياً) الذى كان يومئذ توفيق باشا الخديوى السابق. فقام بأعباء ما عهد اليه خير قيام وخدم الفقراء خدمات جليلة وكان الطبيب القبطى الوحيد الذى يزاول مهنة الطب فى ذلك العهد. كما أنة بعد تخرجه أحال بيته بشارع كلوت بك رقم 50 إلى مستوصف لعلاج المرضى مجاناً وكان يصرف لهم الدواء مجاناً بالتعاون مع زميلة وصديقه د. عازر فوزى صاحب صيدلية بباب الحديد. لذلك كان البر بالفقراء والمحتاجين متأصلاً فى نفسه منذ شبابه المبكر.

مساهماته فى جمعية التوفيق بالقاهرة

فى 24 أغسطس 1891م تأسست جمعية التوفيق القبطية بالقاهرة وكانت بمثابة ثورة الإصلاح الثانية التى أعقبت ثورة الإصلاح الأولى التى فجرها طيب الذكر وخالد الأثر أبو الإصلاح البابا كيرلس الرابع البطريرك 110، فأشترى للجمعية سراى السلحدار ببركه الرطلى بالفجالة و التى تبلغ مساحتها 6162 متر مربع وذلك فى يوليو 1895، لم يكن بصندوق الجمعية – فى ذلك الوقت – أكثر من خمسين جنيهاً. دفع دكتور إبراهيم منصور مبلغ 600 جنيه من حسابه الخاص حتى أنه أضطر لرهن بعض مقتنياته الخاصة ضماناً لسداد باقى الثمن. أصبح هذا العقار مقراً للجمعية ومجمعاً لأنشطتها المختلفة. فأحضرت اليها (مطبعة التوفيق) التى كان مقرها مكان عيادته بشارع كلوت بك وزودت المطبعة بالكثير من الآت الطباعة والأحرف العربية والإنجليزية والقطبية الجديدة. ولشهرتها الواسعة قامت المطبعة بطبع العديد من الصحف والمجلات منها: جريدة مصر اليومية – مجلة التوفيق – المجلة القبطية – مجلة الكرامة – مجلة الرابطة المسيحية – مجلة طريق الحياة – مجلة الفتى القبطى – مجلة عين شمس – مجلة ميزان الاعتدال – مجلة البستان الزاهر – مجلة صهيون.

ونظراً لاهتمامه المخلص بالنهوض بالجمعية والعمل على أحيائها انتخبه أعضاء الجمعية رئيساً لها طوال الفترة مايو 1896- يناير 1917 وكان فى ذلك المنصب رابع رئيس لمجلس إدارة الجمعية – ثم عين رئيس شرف مدى الحياة ابتداءً من عام 1917 حينما أنهكه المرض. فى أثناء فترة رئاسته للجمعية تمكن من تأسيس مدرسة لتعليم البنات ووضع حجر أساسها يوم الخميس 2 يناير 1907. ففى الساعة الثالثة من مساء هذا اليوم عقد الاحتفال بحضور طيب الذكر البابا كيرلس الخامس البطريرك 112 ولفيف من الاكليروس وأعضاء المجلس الملى فى وجود الموسيقى الأميرية. أفتتح الدكتور إبراهيم منصور الاحتفال فأظهر أن الغرض من تشييد هذا البناء الفاخر جعله مدرسة للبنات لتكون مصالح الجمعية كلها فى مكان واحد أى أن سراى الجمعية تجمع مدرستى البنيين والبنات والمدرسة الصناعية. ووجه الشكر لقداسة البابا كيرلس الخامس لحضوره الأحتفال كوعده.  ثم تلا جندى إبراهيم المحضر الذى عمل ليوقع علية الحاضرين ويوضع فى صندوق مع الجرائد والمجلات والعملة المتداولة فى ذلك الوقت. وبعد تلاوته وقع علية غبطة البابا البطريرك والحاضرين ثم أناب غبطته من شكر الجمعية أولاً ومدح عمل الدكتور إبراهيم منصور. وبعد أن أنشد التلاميذ أناشيد السرور قام تلميذاً صغير فألقى خطاباً باللغة القبطية وقام بتعريبه تلميذ آخر. ثم قام البابا البطريرك بين تراتيل الشمامسة فأرتقى السلم وصعد إلى المكان المعد لحجر الأساس حيث وضع بيده حجر الزاوية فى البناء الحضارى ثم انصرف بعد ذلك.

أهتم أيضا الدكتور إبراهيم منصور بأحياء الاحتفال السنوى بعيد النيروز وإقامة اكبر حفلاته فى دار الجمعية.  كما أن مجلس إدارة الجمعية كان قد أجتمع يوم 2 يناير 1901 ووافق المجلس على مشروع الأجزخانة المزمع إنشاءها مع الدكتور إبراهيم منصور والدكتور عازر فوزى وتحمل أسم ( أجزخانة التوفيق ) لمداواة الفقراء ومعالجتهم مجاناً. وقد افتتحت الصيدلية يوم الأحد 10 مارس 1901 الساعة الخامسة مساءً وأفتتح حفل الافتتاح بكلمة من د. إبراهيم رئيس الجمعية.

رئاسته للمستوصف القبطى

تأسست جمعية المساعى الخيرية عام1881م وكان يرأسها المرحوم بطرس باشا غالى. وقد أسست الجمعية مستوصف قبطى عام 1908م حيث تكرم طيب الذكر البابا كيرلس الخامس بمنحها منزلاً صغيراً بحارة شق الثعبان بشارع كلوت بك لهذا الغرض وتم افتتاح المستوصف فى أول اكتوبر عام 1908م وجعلته قاصراً على معالجة فقراء الجمعية. وتبرع للعمل فيه حضرات الأطباء الأفاضل:  د. إبراهيم بك منصور– د.إبراهيم بك فهمى المنياوى – د. فرنسيس أفندى بادير – د. اسكندر بك فهمى جرجاوى – د. راشد افندى يوسف. وشكلت لجنة منهم لإدارته تحت رئاسة د. إبراهيم منصور. وفى أوائل سنة 1910 رأت الجمعية إن تعميم الاحسان والتوسع فيه من أهم أغراضها فقررت فتح أبوابه لمعالجة جميع الفقراء بدون استثناء ( مجاناًً ) سواء أكانوا من فقراء الجمعية أو غيرهم. على مبدأ (الإنسانية لا تتجزأ). ثم بعد ذلك أسست الجمعية المستشفى القبطى الأول (بدلاً من المستوصف)عام 1911، ثم المستشفى القبطى الثانى بدلاً من الأول (بمنزل بشارع الملكة نازلى حالياً شارع رمسيس) عام 1913 ثم المستشفى القبطى الثالث (المبنى الحالى للمستشفى القبطى بشارع رمسيس) عام 1927.

مساهمته فى جمعية الشبيبة المصرية

فى عام 1902 تأسست جمعية الشبيبة المصرية وناديها القومى وذلك للمساعدة على جمع شمل الشباب بالمطالعة والألعاب الرياضية والمساجلات الأدبية بدلاً من الانكباب على الملاهى والرذائل والمسكرات. فتأسست بعض النوادى فى أسيوط والمنصورة وطنطا وغيرها. هذه الجمعية التزمت بالمصرية والوطنية ولم تلتزم بديانة أو ملة ولم يكن لها صفة الطائفية فأنضم غلى عضويتها الشرفية على باشا رفاعة وسليم باشا حمدى وميخائيل بك شاروبيم ونخله بك يوسف وإسماعيل بك عاصم المحامى ويعقوب بك نخلة رفيله ودكتور إبراهيم بك منصور وغيرهم.

عضويته بالمجلس الملى

اختير نائباً بالمجلس الملى الثالث فى يوليو 1892 وبالمجلس الملى الرابع فى مارس 1906.

مظاهر تكريمه

 نال الرتبة الرابعة عام 1892 والرتبة الثالثة عام 1895 والرتبة الثانية عام 1905 كما نال وسام النجمة من الطبقة الثالثة من جلالة إمبراطور الحبشة مكافأة له على ما يؤديه من الخدمات الجليلة. وقد منح البكوية فى عصر الخديوى عباس الثانى.

مؤلفاته

 له العديد من المؤلفات منها قاموسه الشهير باء سم “القاموس الطبى” باللغتين العربية والإنجليزية والمتضمن كل ما يهم المشتغلين بالطب. وكتاب “الطب المنزلى” وهو جزآن بهما الكثير من الفوائد الصحيحة الجليلة وقد طبعهما فى سنتى 1893،1894. وله أيضاً كتاب ” المطالب الطبية ” وهو ثلاثة مجلدات ضخمة موضحة بالصور، وقد سجل فى مقدمة الجزء الأول من هذا الكتاب ما يلى: ( إن الداعى إلى إنشاء هذا الكتاب هو أنى دعيت يوماً لزيارة بعض العائلات فى العاصمة فرأيت أبنه تبلغ الخامسة من عمرها مطروحة بين أيدى والديها والدم ينزف من إحدى ساقيها فدهشت من هذا المنظر وسألت عن سبب النزيف فقيل لى إن الابنة كانت تلعب بمقص فأصاب ساقها فجرحها، فأسفت جداً لوقوعها فى هذا المصاب وجهل والديها الوسائط الصحية الصغيرة التى لو كانا يعرفانها لأنقذاها من الخطر. ومن ثم عرفت حاجة الأهليين إلى كتب طبية صغيرة ترشدهم إلى علاج الأدواء البسيطة وتساعدهم على تلافى أمور كثيرة كهذه قلما تحتاج إلى طبيب. ولهذا الغرض انتخبتُ معظم ما يهم العائلات معرفته من وسائل العلاج وشرحت لهم ذلك شرحاً سهلاً قريباً للإفهام يدركه الخاص والعام وقد اعتمدت فيما جمعت على مزاولتى لهذه الصناعة الشريفة نحو خمس وعشرين سنة ثم أضفت اليه ما استحسنته من بعض الكتب العربية والمؤلفات الإنجليزية) وهذا الجزء يقع فى 544 صفحة متوسطة الحجم فيه الكثير من الرسوم التشريحية.

رحلة الأبدية السعيدة

كان الدكتور إبراهيم منصور من آحاد الرجال الذين خدموا العلم والإنسانية وكرسوا أوقاتهم وأموالهم لأنها من أمتهم وإصلاح شئونها، كما كان يتمتع دائماً ببشاشة الوجه والأتضاع واللطف ورجحان العقل فكان مثال الإخلاص والميل التلقائى لخدمة الإنسانية البائسة.  وفى عام 1930( عن عمر سبعون عاماً ) أنطلقت روحه الوثابة إلى عالم الخلود لتستمتع بالراحة الأبدية مسكن الله مع الناس.

المراجع:

1-     رمزى تادرس: الأقباط فى القرن العشرين – الجزء الرابع (1912)

2-     الجمعية الخيرية القبطية الكبرى: اليوبيل الذهبى (1931)

3-     رشدى الطوخى: مصر والأقباط فى مائه عام (1993)

4-     رياض سوريال: المجتمع القبطى فى مصر فى القرن 19- مكتبة المحبة (1984)

5-     مجلة الهلال – السنة الثامنة – الجزء 17،18بتاريخ 15/6/1900- صفحة 575

No comments yet.

اترك تعليقاً