دكتور نجيب محفوظ 1882 – 1972

Mahfouz

رائد علم أمراض النساء والولادة فى مصر

 

نشأته والوظائف التى تقلدها

فى يوم الخميس 5 يناير 1882 وُلد نجيب ميخائيل محفوظ بمدينة المنصورة محافظة الدقهلية. وكان والدة من كبار رجال تجارة القطن بالمنصورة وكان منزل العائلة يطل على النيل أجمل بقاع مدينة المنصورة الجميلة. ألتحق نجيب بمدرسة الأمريكان بالمنصورة أثناء المرحلة الابتدائية ثم أنتقل منها إلى المدرسة الأميرية الابتدائية. وبعد وفاة والده ووالدته ذهب مع شقيقه إلى القاهرة وأقاما بمنزل فى شارع “شرم الفجالة”.

وفى القاهرة ألتحق بالمدرسة التوفيقية الثانوية ولنبوغه حصل على شهادة البكالوريا فى ثلاث سنوات بدلا من خمس. ألتحق بمدرسة الطب عام 1898.

وفى عام 1902 وهو فى السنه النهائية بمدرسة الطب ظهر وباء الكوليرا فى بلدة “موشا” التابعة لمحافظة أسيوط وطُلب منه أن يعمل مراقبا للقادمين من الصعيد وحدث أن مات زميله الطبيب فى “موشا” بهذا الوباء، فطلب الدكتور نجيب أن يذهب إلى هناك ليؤدى واجبه. وأجرى دراسته وبحوثه، واهتدى إلى وجود بئر موبوءة بهذا الوباء. فأمر بردمها وبذلك أنتهى أصل الداء. وتسبب هذا العمل فى ذيوع صيته. وفور تخرجه عام 1902 طلبه الدكتور “كروزويل” للعمل معه فى مستشفى الفيوم بمرتب كبير، لكن الدكتور نجيب أعتذر لأنه أراد العمل فى طب أمراض النساء، إذ أن والدته تعسرت عند ولادته ثلاث أيام فأحترم الدكتور “كروزويل” مبادئه، وقدمه للسير “هوراس بتشنج” المدير العام لمصلحة الصحة، وطلب أن يعين بالقصر العينى وفعلا عين مساعدا بقسم الجراحة بالقصر العينى.

وفى عام 1904 عين مشرفا على عمليات التخدير الجراحى فى المستشفى. ولما وجد أن العمل فى غرفة العمليات لا يبدأ قبل التاسعة صباحا طلب السماح له بافتتاح عيادة خارجية خاصة بأمراض النساء يعمل فيها بين الثامنة والتاسعة من صباح كل يوم، وفى غضون عام واحد قام بفحص 850 حالة من حالات المرضى وما إن حل عام 1905 حتى أصبح عدد من عالجهم ضعف هذا العدد تقريبا فكان ذلك نواة لإنشاء القسم الخاص بالولادة وأمراض النساء بكلية الطب وخصصت الكلية فيه جناحا يحتوى على عشر آسرة للتوليد وأمراض النساء. ولما ذاد عدد الحالات عن عدد الآسرة كان يقوم بمعالجة مئات الحالات المرضية المعقدة مجانا فى بيوت المرضى. وحدث فى يوم 11 ديسمبر عام 1911 أن تعسرت إحدى السيدات فى الولادة فأشار عليها الأهل والجيران باستدعاء طبيب النساء والولادة نجيب محفوظ. وتمت الولادة بفضل الله على خير. وفى الصباح توجه زوج هذه السيدة ويدعى “إبراهيم عبد العزيز الباشا” إلى مكتب الصحة ، وفى خانة اسم المولود كتب “نجيب محفوظ” وهكذا أصبح أسم أديب مصر العالمى “نجيب محفوظ إبراهيم عبد العزيز الباشا”.

أعماله الإنشائية

ساهم مع الدكتور إبراهيم فهمى المنياوى والدكتور إسكندر فهمى جرجاوى فى العمل القومى الرائع الذى قامت به الجمعية الخيرية القبطية برياسة جرجس أنطوان باشا فى إنشاء المستشفى القبطى بالقاهرة – بشارع رمسيس – على أن تكون للمستشفى الصفة القومية. وقد افتتحت عام 1926.وطوال ثلاثين عاما من 1902 إلى 1932 حافظ الدكتور نجيب على جميع المواد التى حصل عليها من العمليات التى أجراها بنفسه فى المستشفى القبطى وكتشنر والقصر العينى، وفى عام 1932قدم هذه المجموعة هدية لكلية الطب التى قبلتها مشكورة وحافظت عليها كوحدة مستقلة باسم متحف محفوظ الخاص بالولادة وأمراض النساء. وقبل أن يعتزل العمل فى الجامعة نشر على نفقته الخاصة دليلا مصورا عن متحفه والرسوم فيه موضحة بسبع لغات هى: العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والروسية والأسبانية. وقام بإعداد أفلام سينمائية ملونة ناطقة للجراحات التى ابتكرها للأمراض التى كانت تُعتبر قبلا غير قابلة للشفاء كما قام بتأسيس جمعية الولادة وأمراض النساء المصرية.

المؤهلات العلمية ودرجات الزمالة

حصل على ماجستير فى الجراحة من جامعة القاهرة عام 1930 ثم دبلوم عضوية الكلية الملكية البريطانية للأطباء الباطنيين عام 1932 ثم زمالة الكلية الملكية البريطانية للولادة وأمراض النساء عام 1934 وفى العام التالى منحته الكلية الملكية لأطباء أمراض النساء والولادة البريطانية F.R.C.O. الزمالة الفخرية وبهذه المناسبة أقُيم فى لندن حفل لتكريمه. وبعد العشاء وقف اللورد “دوسن” Dawson رئيس الكلية الملكية للأطباء الباطنيين وقال: “إن دماثة أخلاقة ومتانتها كانتا من أهم الأسباب التى أدت إلى رفع أسم وسمعة كلية الطب المصرية إلى المستوى العالمى الذى بلغته فى السنين الأخيرة، وأريد أن ألفت النظر بصفة خاصة إلى هدوئه الطبيعى وتواضعه وهربه من الشهرة، وهى الصفات التى يمتاز بها العالم الحقيقى، وأن لمحفوظ وقفات مشرفة فى الدفاع عن الحق فى أوقات كانت فيها كلية الطب المصرية تجتاز ظروفا حرجة جدا.وكانت تلك الوقفات من محفوظ من أهم العوامل التى أبقت على المدرسة سمعتها الطيبة…”وفى عام 1937 حصل على زمالة الكلية البريطانية للأطباء الباطنيين F.R.C.P ثم زمالة أكاديمية الطب بالولايات المتحدة الأمريكية ومقرها نيويورك.ثم منحته كلية الجراحين الملكية بإنجلترا الزمالة الفخرية F.R.C.S عام 1943 فى نفس الاجتماع الذى نال فيه مستر “تشرشل نفس الدرجة. وقد جاء فى كلمة السير “جوردن تيلور” Sir Gordon Taylor الوكيل الأول للجمعية الملكية للجراحين: …هى تقدمة تقدير من جراحى بريطانيا إلى أكبر جراح أنجبته مصر..وقد قدرت الكلية فى منحك هذه الزمالة الشهرة العالمية الممتازة التى حزتها فى فنك، وأعلت فيك فضلك الكبير فى إهدائك لكليتك وللعلم متحفا مدهشا من النماذج الجراحية من عملك الخاص لا نظير له فى العالم أجمع…وأنى أشكر الظروف الحسنة التى مكنت مجلس الكلية الملكية البريطانية إن يجتمع اليوم فى مصر مهد الحضارة والعلم، البلاد التى كان الاختصاص فى الولادة بها معروفا منذ آلاف السنين. ثم فى عام 1947 منحته الجمعية الملكية الطبية البريطانية الزمالة الفخرية F.R.S.M فى نفس الوقت الذى مُنح فيه هذا اللقب للسير “الكسندر فلمنج” مكتشف البنسلين. وفى نفس العام منحته الجمعية الملكية لأطباء النساء والولادة بأدنبرة الزمالة الفخرية.

الجوائز والألقاب التى حصل عليها

نيشان المعارف من الطبقة الأولى عام 1938 ثم جائزة الجمعية المصرية لتاريخ العلوم عام 1940 وكان قد حصل على نيشان النيل 1919 وفى عام 1925 حصل على رتبة البيكاوية من الدرجة الثانية ثم على رتبة البيكاوية من الدرجة الأولى 1930 وفى عام 1937 حصل على الباشوية.

فى سنة 1959 رشحته الجمعية المصرية لتاريخ العلوم لنيل جائزة الدولة التقديرية للعلوم وقد أيد هذا الترشيح: الاتحاد العلمى المصرى.كلية الطب بجامعة القاهرة فقرر المجلس الأعلى للعلوم برياسة السيد كمال الدين حسين وزير التربية والتعليم فى ذلك الوقت منحه هذه الجائزة.وفى الاحتفال بعيد العلم عام 1960 تسلم الجائزة من الرئيس جمال عبد الناصر.

جائزة دكتور نجيب محفوظ

فى سنة 1950 تألفت هيئة تضم أساطين العلم وأكابر الأطباء برياسة دكتور إبراهيم شوقى مدير جامعة القاهرة يومئذ ووزير الصحة من بعد، لإنشاء جائزة مالية يطلق عليها “جائزة دكتور نجيب محفوظ العلمية” تخصص لتشجيع البحوث فى علوم أمراض النساء والولادة. وتُمنح لمن يقدم أحسن بحث. وفى 14 يونيو 1950 أقُيم حفل بفندق سميراميس بالقاهرة أعُلن فيه تقرير إنشاء الجائزة.

 

مؤلفاته وبحوثه العلمية

نشر حوالى 33 بحثا باللغتين الإنجليزية والفرنسية فى خلال الفترة 1908 إلى 1940.

وله العديد من المؤلفات باللغة العربية:مبادئ أمراض النساء. أمراض النساء العملية – فن الولادة – الثقافة الطبية والطب النسوى عند العرب. وباللغة الإنجليزية له: تاريخ التعليم الطبى فى مصر – الموسوعة العلمية فى أمراض النساء والولادة وهو يقع فى ثلاث مجلدات عدد صفحاتها 1350 صفحة وفى عام 1966 صدر له كتاب حياة طبيب باللغة العربية – الطبعة الثانية – وباللغة الإنجليزية أصدرته شركة لفنجستون للطباعة والنشر بإنجلترا وكتب الدكتور طه حسين – عميد الأدب العربى – تقديما له قال فيه: “هذا كتاب ممتع إلى أقصى غايات الإمتاع..”

وبعد أن أكمل جهاده بسلام وأعطى الناس نفسه وخدم وطنه بحياته واتقى ربه فى عمله رقد فى سلام عام 1972 تاركا تاريخا حافلا بجليل الأعمال الصالحة.

المراجع:

1 – د. نجيب محفوظ – حياة طبيب – دار المعارف بمصر – 1966.

2 – المهندس يوسف سميكة الدكتور نجيب محفوظ تكريم وتقدير – دار المعارف بمصر 1966.

3 – لمعى المطيعى: هؤلاء الرجال من الأقباط – مكتبة الأنجلو المصرية – 1989.

4 – المهندس جرجس حلمى عازر: الدكتور نجيب محفوظ – مجلة الكرازة – 1966

No comments yet.

اترك تعليقاً